السير أثناء النوم، هو المرض الذي لا يخضع لمعايير الأمراض النفسية، أو العقلية، وهو مرض مُتفرد في كل شيء، وهو أحد أبرز الموضوعات التي تناولتها السينما في الأفلام؛ لما له من قصص، وحكايات شيقة .
دعونا نتعرف أكثر عن المرض :
من الضرورة معرفة ما يحدث عندما ينام الإنسان، فهو يذهب في نوم عميق، تتعطل فيه كل الحواث ويبدأ العقل الباطن في النشاط وهو ما نُسمية اللاوعي، ويدخل بعدها الإنسان في أحلام، إما آمال يتمناها، أو أشياء يريد تحقيقها في الحياة، ولا يستطيع، ومن هنا يبدأ مرض السير أو المشي أثناء النوم فعند بعض الناس تكون الرغبات المكبوتة بداخلهم والتي لا تستطيع الخروج وهم مستيقظون تتغلب عليهم وهم نائمون، وقد فسره الأطباء على أنه اضطراب نفسي يحدث أثناء النوم العميق، أي في مرحلة اللاوعي، وينتج عنه القيام بأفعال غريبة منها الشيق، ومنها الخطير، وهو أكثر شيوعًا بين الأطفال مقارنة بالبالغين، وخصوصًا إذا حُرم الطفل من النوم لفترة، وذلك قد يكون بسبب الخوف الشديد، أو أمل يريد تحقيقه بشدة، وبما أنه يحدث أثناء النوم العميق، فقد يكون من الصعب إيقاظ هذا الشخص وغالبًا لن يتذكر قيامه بالمشي عند الاستيقاظ اصلًا .
ظواهر أو أعراض المرض :
- المشي المتكرر .
- عدم تذكر أي من الأحداث السابقة مهما كانت .
- صعوبة إيقاظ الشخص .
- الصراخ .
- العنف .
- القيام بأفعال غريبة .
وكما وضحنا سابقًا، أن مرض المشي أثناء النوم ليس مثل الأمراض النفسية الأخرى، فليس من الضروري الذهاب للطبيب النفسي، أو أخذ عقاقير معقدة؛ للعلاج بل أن البعض يُشفي منه، دون طبيب وذلك بمجرد معرفة السبب، وعلاجه وغالبًا ما يكون السبب اجتماعي، وليس خلل عقلي أو مشكلة نفسية .
كيفية علاج المرض؟
مرض المشي أثناء النوم يأتي غالبًا للأطفال في سن الثالثة إلى السابعة وقد يزول تلقائيًا عند بلوغ الطفل سنًا معينًا .
وقد يكون ناتجًا عن الأرق وقلة النوم، لذلك يمكن أن يختفي عندما يُحسن الشخص من نومه ولكن يجب زيارة الطبيب فورًا إذا حاول الشخص إيذاء نفسه .
ويكون على عاتق أسرة المريض مسئولية كبيرة للمحافظة على حياته، والاهتمام به، ومحاولة مساعدته لاجتياز ذلك المرض، كما يُساعد المريض مساندة الأصدقاء، والأحباء، وفيما يلي بعض القصص التي سُردت عن أشخاص كانوا يُعانون من ذلك المرض :
الحالة الأولى :
كانت لمراهق يُسمى" كاي توماس" عانى من نزيف مفاجئ في الدماغ، مما دفع الأطباء إلى إدخاله في غيبوبة؛ للحفاظ على حياته وبعد أن استفاق، أصبح مدمنًا على الجبن، حيث يستيقظ في مساء كل يوم؛ ليأكل مكعبات كبيرة من الجبن .
الحالة الثانية :
كانت ل " لي هيدوين " يُعاني من داء النوم، منذ أن كان في الرابعة، ولم يكترث أبواه بهذه المشكلة على افتراض أنها مرتبطة بهذه المرحلة العمرية ولكن حينما دخل في مرحلة المراهقة، بدأ يستيقظ ليرسم على جدران غرفته، وذات مرة كان نائمًا في بيت أحد أصدقائه، فنهض أثناء نومه، وغطى جدران المطبخ بالرسومات، وكانت مفاجأة كبيرة لصديقه عندما استيقظ صباحًا، والآن يعمل هيدوين كممرض في النهار، وفنان رائع في الليل، وبما أن هيدوين أيقن أنه لا مفر من التعامل مع حالته فأصبح يغطي جدران منزله بالكامل بالأوراق المخصصة للرسم، ومن العجيب أن هنالك العديد من الناس يتهافتون على لوحاته الفنية .
الحالة الثالثة :
مَن مِنا لم يشعر بالجوع ليلًا، وذهب إلى المطبخ لإعداد وجبه خفيفة، بالطبع كل منّا فعل ذلك، ولكن الأمر مختلف مع " روبرت وود " طباخ يبلغ من العمر الخامسة والخمسين، يُعاني من المشي أثناء النوم منذ فترة طويلة، إذ أنه ينهض أثناء نومه، ويدخل المطبخ، ويقوم بطبخ عدة أصناف من الطعام وهو يغط في النوم العميق.
وتُعاني زوجته " إلينور "من هذا الأمر كثيرًا؛ خوفًا عليه من النيران، وهو يبحث حاليًا عن طبيب مختص بالمشي أثناء النوم .
الحالة الرابعة :
وللأسف الشديد هناك بعض الأشخاص استخدموا إصابتهم بهذا المرض للنجاة من جرائمهم الشنيعة مثل هذا الشخص الذي يُدعي
" كينيث باركس" والذي يعيش مع ابنته الرضيعة وزوجته في أرق حاد؛ بسبب البطالة والديون .
في صباح 23 مايو 1987 استيقظ "باركس" وقاد السيارة لمسافة كبيرة وهو نائم من منزله حتى منزل حماته، وهجم عليها حتى تسبب في موتها حماته التي كان يدعى أنه يُحبها، ليس هذا فحسب ولكنه حاول قتل حماه أيضا، ولكنه نجا من الاعتداء بأعجوبة.
وعندما أفاق " كينيث "وجد يديه ملطخة بالدماء فأسرع بالتوجه إلى قسم الشرطة، وقال لهم: "أعتقد أني أقدمت على قتل بعض الناس " .
وحينما أفاق كان لا يتذكر أي شيء عما فعله، وبما أنه له تاريخ طويل في المشي أثناء النوم، وبالرجوع إلى فريق المحامين والمدافعين، المكون من علماء النفس وأخصائيين المشي أثناء النوم، أثبتوا أنه كان غير مُدرك لما كان يفعله، وأنه كان كليًا غير واعى لما فعل فابناءًا، على ذلك تمت تبرئته من كل التهم الموجهة اليه .
ومن كينيث إلى الحالة الخامسة :
" برايان توماس " الذي تزوج بالفتاة التي أحبها قلبه بعد عناء، ونضال كبير، وقصة حب رائعة تمناها الكثيرون، وعاشوا أسعد أيام حياتهم، ولكن للأسف لم يكتب القدر لقصة حبهما أن تكتمل حيث أقدم برايان في ليلة مشئومه على خنق زوجته " كريستين " حتى الموت، وبطبيعة الحال تم القبض عليه ومُحاكمته بتهمة القتل ولكن بعد مرافعة محامي المُتهم التي دامت لساعات طويلة، وبعد جمع الأدلة من خبراء اضطرابات النوم، والاطلاع على التقارير الطبية، وافقت المحكمة على تبرئة المتهم، بحكم حالته المرضية وأنه لم يكن في وعيه آنذاك .
الحالة السادسة :
وهي من الحالات الغريبة التي حدثت، هي قيام سيدة في الرابعة والأربعين من عُمرها بالدخول إلى حجرة الكمبيوتر، وقامت بتشغيله، وإيصاله بالإنترنت، وأرسلت ثلاثة إيميلات إلى أصدقائها والغريب بالموضوع أن الإيميلات لم تحتوي على محتوى مفيد، والأغرب بالموضوع، أنها أشعلت الجهاز، وادخلت الباسورد، ووصلته بالإنترنت، وكل هذا وهي نائمة .
أتعتقد أن الأمر توقف هنا؟، لا هناك الأغرب من ذلك .
" تيموثي بروجمان " كهربائي في الواحدة والخمسين من العمر، خرج في ليلة شديدة البرودة ببعض الملابس القليلة، وسار مسافة ضخمة بعيدًا عن منزله في " هايوارد " وفي الصباح لم تجده زوجته وأولاده في المنزل فسارعوا بالاتصال بالشرطة التي حضرت على الفور وبدأت عمليات البحث المكثفة عنه حتى وجدت جثته مجمدة في الجليد على بعد كبير من منزله ويُقال أن درجة الحرارة آنذاك كانت -16 درجة تحت الصفر والغريب أنه لم يشعر بشدة البرد حتى الموت، فعلًا هذا المرض غريب .
النفس البشرية جد معقدة للغاية لذا يحتاج الأطباء إلى الكثير من المراجع، والكتب التي ألّفها أسلافهم، وما بعدهم سيحتاجون إلى ما ألفوه حتى يستطيعوا فهم تلك النفس البشرية المعقدة .
وفي النهاية، أرجو أن أكون قد وُفقت في سرد موضوعاتي الثلاثة والتي كانت عن فُصام الشخصية وهو من الأمراض النادرة وانفصام الشخصية وهو يُعتبر من الأمراض الأكثر انتشارًا وشيوعًا بين المجتمع، وسردت الفرق بينه وبين الفُصام وكيفية علاج كلا منهما ونسبة الشفاء منهما اعتمادًا على أخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وختمًا عرضتُ مرض السير أثناء النوم، لما له من صفة الغموض، ولأنه يختلف عن أقرانه من الأمراض النفسية، وأرجو أن أكون قدمت فيهم معلومات تُفيد قارئي العزيز وأرجو أن تكون قد نالت رضاكم مع تمنياتي لكم بأتم الصحة والعافية .
إعداد/ أميرة محمد
تدقيق/ أماني إسماعيل


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق