مرض الذئبة (Lupus)... أسبابه، أعراضه وعلاجه
مرض الذئبة (Lupus)... أسبابه، أعراضه وعلاجه
لكل منظمة عريقة جيش يحميها من الأعداء والأخطار الخارجية، وكذلك الجسم
يملك جهاز مناعي قوي يحميه من أي غزو حتي يظل في حالة هانئة يعيش بسلام, ولكن إذا
تضرر هذا الجهاز القوي يتعرض كل أعضاء الجسم للأمراض ويفقد سلامه الذي كان يعيش
فيه, وهذا قد يحدث بشكل ذاتي من الجسم نفسه حيث يشكل خللا كبير يؤدي إلى العديد من
الأمراض المناعية الذاتية مثل مرض الذئبة الذي سنوضحه في هذا المقال.
ما هو مرض الذئبة؟ وأنواعه؟
تُعتبر الذئبة مرض مناعي ذاتي يؤثر على أنسجة الجسم وأعضائه, ويمكن أن يؤثر
الالتهاب الناتج عن الذئبة على العديد من
أجهزة الجسم مثل القلب، والرئتين، والدماغ، والمفاصل، والجلد، والكليتين وخلايا
الدم.
يتنوع مرض الذئبة بين عدة أنواع منها:
- الذئبة الحمامية الجهازية (SLE): وهو النوع الأكثر شيوعًا بينهم وأخطرهم حيث أنها تؤثر على جميع أجهزة الجسم وتسبب التهابًا شديدًا بهم, وهذا النوع هو ما سنتحدث عنه بشكل أساسي في هذا المقال.
- الذئبة القرصية أو الجلدية (Discoid lupus erythematosus): وهو نوع يؤثر على الجلد فقط، وتظهر أعراضه على شكل طفح جلدي على الرقبة، والوجه وفروة الرأس, ولا يؤثر هذا النوع على الأجهزة الداخلية للجسم، ولكن طبقًا لمؤسسة الذئبة الأمريكية فإن 10% من الأشخاص المصابين بالذئبة الجلدية يمكن أن تتطور لديهم الذئبة إلى النوع الجهازي.
- الذئبة الجلدية تحت الحادة (Subacute cutaneous lupus erythematosus): وهو نوع يسبب جروح جلدية تظهر على الجزء الذي يتعرض للشمس, وهذه الجروح لا تسبب أي ندوب على الجلد.
- الذئبة الناتجة عن الأدوية (Drug-induced lupus): وهو نوع يحدث كرد فعل للأدوية مثل بعض الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، وحالات الصرع، والغدة الدرقية، وبعض مضادات الفطريات، والمضادات الحيوية وحبوب منع الحمل الفموية, وتختفي الذئبة بعد توقف المريض عن تناول هذه الأدوية.
- الذئبة الوليدية (Neonatal lupus): وهو نوع يصيب الأطفال المولودين من أمهات مُصابة بمرض الذئبة, وقد يعاني الأطفال من طفح جلدي، ومشاكل في الكبد وانخفاض عدد كريات الدم, وتختفي هذه الأعراض عادةً بعد عدة أسابيع، ولكن قد يعاني الطفل من مشاكل في القلب فلا يستطيع القلب تنظيم ضخ الدم فيحتاج إلى جهاز تنظيم ضربات القلب, وقد يعاني هؤلاء الأطفال أيضًا من مرض مناعي ذاتي آخر في وقت لاحق من حياتهم.
ما هي أعراض مرض الذئبة؟
يصعب تشخيص هذا المرض بواسطة الأطباء حيث أن أعراضه تشبه
علامات بعض الأمراض الأخرى ولكننا سنذكر كل الأعراض المحتملة تاليًا:
- طفح جلدي بسبب النزيف تحت الجلد
- فقدان الشهية وفقدان الوزن
- ألم وتورم في المفاصل وفي الساقين
- التهاب المفاصل
- ألم في العضلات
- تورم حول العينين
- الإعياء والتعب
- تورم الغدد أو الغدد الليمفاوية
- قرحة الفم
- حساسية لأشعة الشمس
- الصداع
- الحُمى
- تساقط الشعر غير الطبيعي
- ألم في الصدر عند التنفس العميق
- أطراف أصابع شاحبة أو زرقاء ووخز عند البرد (Raynaud’s phenomenon)
ونظرًا لعدم وضوح أعراض مرض الذئبة حيث تختلف من شخص
لآخر ومن وقت لآخر وقد تتشابه الأعراض السابق ذكرها مع أمراض أخرى لذلك تستخدم الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم مخطط
تصنيف قياسي لتأكيد التشخيص فعندما يمتلك الشخص 4 أعراض من 11 عرضًا فيتم اعتباره
مريضًا بمرض الذئبة, ويعتبر بعض الأطباء أعراضًا أقل من أربعة دلالة على مرض
الذئبة أيضًا, وتلك المعايير الإحدى عشر هي كالآتي:
- طفح جلدي في الوجه (Malar rash) على شكل فراشة على الأنف وينتشر إلى ما بعد الوجنتين.
- طفح جلدي أحمر (Discoid rash) يشبه الرّقَع القشرية على الجلد.
- حساسية للضوء حيث يظهر طفح جلدي بعد التعرض لأشعة الشمس.
- تقرحات الأنف أو الفم وغالباً ما تكون غير مؤلمة.
- التهاب المفاصل غير التآكلي وهو غير مدمر للعظام حول المفاصل، ولكن يكون هناك تورم في مفصلين أو أكثر.
- التهاب التامور في القلب (Pericarditis) أو التهاب الجنبة في الرئتين (Pleurisy).
- اضطراب في الكلى حيث تظهر مستويات عالية من البروتين أو الخلايا الخلوية في البول.
- الاضطراب العصبي حيث يعاني الشخص من نوبات أو ذهان أو مشاكل في التفكير.
- اضطراب الدم حيث يوجد فقر الدم انحلالي مع انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء أو انخفاض عدد الصفائح الدموية.
- اضطراب مناعي حيث تظهر الاختبارات أن هناك أجسامًا مضادة للحمض النووي المزدوج (dsDNA)، أو أجسامًا مضادة لـ Sm، أو أجسامًا مضادة لـ Cardiolipin.
- إيجابية ANAوهو النوع الأكثر شيوعًا من الأجسام المضادة التي تتطور لدى الأشخاص المصابين بمرض الذئبة, ويتفاعل مع أجزاء من نواة الخلية ومركز القيادة للخلية, وتكون هذه الإيجابية غير ناتجة عن أي أدوية استخدمها الشخص.
ما هي أسباب مرض الذئبة؟
يقاوم الجهاز المناعي الأجسام الغريبة ليحمي الجسم وذلك من خلال إنتاج الأجسام المضادة بواسطة الخلايا الليمفاوية وخلايا الدم البيضاء, وعندما يعاني الشخص من مرض الذئبة فإن الجهاز المناعي لا يستطيع التفرقة بين الأجسام الغريبة والأنسجة السليمة في الجسم، مما يجعل التدمير يكون مآل الجميع مما يؤدي إلى تلف الأنسجة والتورم والألم في أجزاء الجسم المختلفة.
ولكن قد يسبب ذلك ضررًا لبعض الأعضاء والبعض الآخر لا يتأثر؛ وذلك لأن بعض خلايا الجسم لها جدران نفاذة تسمح للأجسام المضادة الذاتية بالعبور وتدمير الحمض النووي لها، بينما لا تسمح بعض خلايا الأعضاء الأخرى لهذه الأجسام المضادة بالعبور فلا تتأثر وتظل سليمة.
ويعتقد بعض العلماء أنه عند تلف الخلايا وموتها لا يتخلص الجسم منها مما
يؤدي إلى المزيد من الضرر على الجهاز المناعي؛ بسبب بعض التغيرات في الجينات
الوراثية مما يسبب عطلاً في عمل الجهاز المناعي بشكل طبيعي وذلك وفقًا لمرجع
الصفحة الرئيسية للوراثة (Genetics Home Reference).
وما زال سبب هذا التغير المفاجئ في الجهاز المناعي غير معروف ولكن تتوالى
الأبحاث عن عوامل الخطر التي قد تسبب مرض الذئبة.
ما هي عوامل الخطر؟
يُمكن أن يظهر مرض الذئبة استجابةً لبعض العوامل مثل:
- نوع الجنس حيث تصاب النساء بنسبة أكبر من الرجال تسع مرات وفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (U.S. National Institutes of Health).
- العمر حيث عادةً ما يظهر مرض الذئبة من عمر 15 إلي 45 ولكن قد تظهر نسبة 20% من الحالات بعد سن الخمسين وفقًا لمرجع الصفحة الرئيسية للوراثة (Genetics Home Reference).
- التاريخ العائلي من مرضى الذئبة خاصة الأقارب من الدرجة الأولى والثانية حيث تزيد فرص الإصابة بمرض الذئبة.
- التاريخ العائلي من أمراض مناعية ذاتية أخرى مثل فقر الدم الانحلالي والتهاب الغدة الدرقية وفُرفُرية قلة الصفائح الدموية مجهولة السبب.
- العرق حيث تزيد فرص الإصابة بمرض الذئبة عند الأشخاص الملونين وكذلك النساء اللاتينيات والآسيويات والأمريكيات.
- البيئة حيث تمثل العوامل البيئية مثل الفيروسات والمواد الكيميائية تحفيزًا للإصابة بمرض الذئبة عند الأشخاص ذوي الاستعداد الوراثي له.
- التدخين حيث يزيد من فرص الإصابة بمرض الذئبة.
- التعرض لأشعة الشمس خاصةً فوق البنفسجية قد تمثل حافزًا.
- الالتهابات الفيروسية قد تؤدي لظهور بعض الأعرض عند الأشخاص المعرضين لمرض الذئبة.
- الأدوية حيث تؤدي بعض الأدوية إلى الإصابة بمرض الذئبة.
- جراثيم الأمعاء حيث ينظر لها العلماء على أنها عامل محتمل على تطور مرض الذئبة وفقًا لبحث نُشر في علم الأحياء الدقيقة التطبيقي والبيئي في عام 2018 وما زالت الأبحاث مستمرة في هذا النطاق.
ووجب التنويه على أن مرض الذئبة غير معدي ولا يُنقل لأي شخص جنسيًا.
ما هو علاج مرض الذئبة؟
أولًا: العلاج غير الدوائي والوقاية
- الاحتراس من الشمس نظراً إلى أن الآشعة فوق البنفسجية تزيد من الاشتعال لذلك يجب ارتداء ملابس واقية مثل قبعة وملابس طويلة وكذلك استخدام واقيات الشمس بعامل حماية من الشمس لا يقل عن 55 في كل مرة.
- الإقلاع عن التدخين لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مما قد يسبب تفاقم لتأثير مرض الذئبة على القلب والأوعية الدموية.
- ممارسة الرياضة بانتظام مما قد يزيد من الصحة العامة حيث يتم الحفاظ على قوة العظام ويقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب.
- تناول نظام غذائي صحي يحتوي على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة خاصة إذا كان الشخص يعاني من ارتفاع ضغط الدم أو تلف الكلى أو مشاكل في الجهاز الهضمي حيث قد يكون لديه قيود غذائية.
- مكملات فيتامين د والكالسيوم حيث أن الأشخاص المصابين بمرض الذئبة قد يستفيدون من مكملات فيتامين د التكميلية التي تساعد في الحفاظ على صحة العظام وذلك بعد استشارة الطبيب المختص.
ويوجد بعض سبل العلاج البديل الذي ما زالت الأبحاث جارية فيه وسنذكر آخر ما
توصل له العلم في هذا المجال، ولكن وجب التنبيه على أنه يجب مناقشة الطبيب قبل
البدء بها ومراجعته دوريًا حول الفوائد أو الأضرار الممكنة من تداخل هذا النوع من
العلاج مع الأدوية.
- Dehydroepiandrosterone: المكملات الغذائية التي تحتوي على هذا الهرمون وهو هرمون الستيرويد الأندروجيني الضعيف الذي يحدث بشكل طبيعي من الغدد الكظرية مع فوائد مثل الوقاية من الشيخوخة، وتحسين الوظيفة الجنسية، وتعزيز الأداء الرياضي وعلاج هشاشة العظام, وتكمن الاستفادة من هذا الهرمون في تقليل الشعور بالتعب وألم العضلات عند مرضي الذئبة, ولكن قد يؤدي إلى حب الشباب لدى النساء.
- زيت السمك حيث يحتوي على أحماض أوميجا 3 الدهنية التي قد تكون مفيدة للأشخاص المصابين بمرض الذئبة, يمكن أن تشمل الآثار الجانبية الغثيان والتجشؤ وطعم مريب في الفم.
- العلاج بالإبر حيث يتم استخدام إبرًا صغيرة يتم إدخالها تحت الجلد مباشرةً تساعد في تخفيف آلام العضلات المصاحبة لمرض الذئبة.
ثانيًا: العلاج الدوائي
يمكن أن يساعد الدواء في تخفيف الأعراض حيث يعمل على تقليل
الألم والتورم، وتنظيم نشاط الجهاز المناعي، وتوازن الهرمونات وتقليل أو منع تلف
المفاصل والأعضاء، وإدارة ضغط الدم، وتقليل خطر الإصابة
بالعدوى والسيطرة على الكوليسترول وذلك من خلال الآتي:
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs) المستخدمة لعلاج الألم والتورم والحمى المرتبطة بمرض الذئبة.
- الأدوية المضادة للملاريا حيث تؤثر على جهاز المناعة ويمكن أن تساعد في تقليل خطر نوبات الذئبة.
- الستيرويدات القشرية (Corticosteroids) حيث تعالج التهاب الذئبة, غالبًا ما يتم استخدام جرعات عالية من المنشطات للسيطرة على الأمراض الخطيرة التي تنطوي على الكلى والدماغ.
- بيليموماب (belimumab) الذي يتم إعطاؤه عن طريق الوريد حيث يقلل أيضًا من أعراض الذئبة لدى بعض الأشخاص.
- ريتوكسيماب (Rituximab) قد يكون مفيدًا في حالات الذئبة المقاومة.
ووجب التنبيه على أنه يجب الرجوع للطبيب بشكل دوري لمراجعة الأعراض التي
تظهر أو تزول، وكذلك الآثار الجانبية لبعض الأدوية السابقة فالطبيب وحده يعرف ما
هو أفضل بالنسبة إليك فقد يتم تعديل العلاج طبقًا لحالتك وتفاعلك مع الأدوية.
وأهم جانب في هذا المقال هو الدعم النفسي الذي يجب ذكره حيث يحتاج مريض
الذئبة إلى دعم من الأصدقاء والعائلة وكل شخص مقرب حتى يستطيع التأقلم على هذا
المرض المزمن، فلا يجب الخجل من طلب المساعدة, وكذلك يمكن الاستعانة بكل الأنشطة
السارّة التي قد تزيد من الصحة النفسية للفرد كالهوايات.
وفي نهاية المقال نتمنى لكم الصحة والعافية.
إعداد/ د. آلاء محمود
تدقيق/ أماني إسماعيل


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق